الثلاثاء، مايو 17، 2011

نوة :قصة حقيقية مؤلمة ، 

تزوج عبدالله بامرأة تسمى كفية، وبدآحياتهما كمزارعين في منطقة جبلية يربيان الماشية  ويجنيان محاصيل القمح والشعير من تساقط الأمطار،لم يكن هذا العمل مدرا للربح بقدر ماكان يصد العوز ؛خاصة وأن يد المحتل لم تتوانى في إثقال كاهلهما بالضرائب الجائرة التي تفوق طاقتهما .

لم تمضي سنة من هذا الزواج حتى  رزقا بطفلة جميلة سما ها نوة .لمابلغت نوة ست سنين أصبح عدد إخوتها ثلاثا ،بدأت ترعى الغنم بمرافقة ابناء وبنات أعمامها وكأن الحياة أرادت أن تجاملهم عندما أصبح لوالديها عدة بقرات مع قطيع من الغنم  ، لكن القدر لم ينتظر بدأت آفة الطاعون تحصد الأرواح وكان عمها قد أصابته العدوى وتعافا منها وانتقلت إلى أبيها عن طريق ملابس أخيه ولم ترحمه وإثر ذلك وافته المنية وهي طفلة لقد أصبحت يتيمة الأب ،تعرضت الأم لمضايقات شديدة من أبناء أعمامها رغبة منهم في الحصول على ماورث المرحوم وذلك بالزواج منها وبدعم من أعمامها لكنها رفضت رفضا قاطعا ولم تنفعها توسلاتها عن الضغوط والمضايقات فتارة يمنعون عنها الطريق لإخراج ماشيتها للرعي أو عودتها للطريق وتارة يمنعونها من جلب الماء من المنبع المشترك وفي كل مرة يخلقون لها سببا لتشديد الخناق عليها حتى أصيبت بالأرق ، ورغم ذلك لم يرضيها ضميرها لترك أبنائها،وتعريضهم للعوز إثر انتقال موروث أبيهم إلى غيرهم ومرت عدة سنوات والحرب على الأرملة لم تتوقف،ومرة أخرى يتعاون القدر مع الظالم، مرضت البقرات وخلال عام واحد ماتت الأربع بقرات، فلم تستطيع الأم تسييبير شؤون البيت وفي إحدى تلك  الليالي  نسي باب الفناء مفتوحا فخرجت الماشية ليلا من البيت واتجهت حيث كانت الذئاب الجائعة تنتظرها ،فلم تبقي منها إلا الأشلاء ،فلم يكن الأرق وحده ليفعل فعلته لكن أصبحت اليد خاوية لقد أصيبت الأم إثر هذه الفاجعة بالجنون .فسبب ذلك ألما شديدا للأبناء وخاصة للفتاة الشابة نوة التي أصبحت كالأم لأخوتها.

لم يبقى للأقارب شيأ يطمعون فيه وتعالت الأصوات هنا وهناك تلقي اللون على هؤلاء الأقارب لعدم التكفل باليتامى فظهر لهم ضرورة تزويج البنت التي أصبحت إمرأة خاصة لماكثر خطابها 

فتزوجها أحد مزارعي المنطقة يدعى محمد ،وكان لهذا الأخير أخت مطلقة وصعبة الميزاج  وكانت زوجة أخيه لا تتوقف عن النميمة وإثارة الفتن وكانت نوة إحدى ضحاياهما خاصة بعد مولودها الأول  فذاقت منهما بلاءا شديدا خاصة وأن سكنهما مجاور لزوجها فتعرضت للضرب من الأخت مرارا وللوم الشديد من الزوج إثر الفتن المتكررة من زوجة الأخ حتى كادت أن

تنفصل عن زوجها لكن لم يكن باستطاعتها ابعاد ابنها عن والده ومايمكن أن يتعرض له خاصة ما عرفته من أعمامها فرضيت بالبقاء والصبرلعل الصبر مفتاح الفرج.لقد أفلح صبرها بعض الشيء.لما اكتشف الزوج ظلم زوجة الأخ وأخته مما حدى به تحذيرهما وابقائهما بعيدتين .

اندلعت ثورة التحرير ولم تمر عدة شهور حتى سقط أخيها الأكبر في ميدان الشرف مخلفا وراءه ابنين وبنت فكان لذلك أثره الكبير على نوة إذ أصابهاالحزن والأسى وزادها قلق الثورة والثوار ،والضغوط الكثيرة حيث كانت مسؤولية إعداد المؤونة للثوار أمر صعب يتطلب تحمل ومغامرة كبيرة أمام شراسة المحتل الذي لايرحم خاصة وأن عدد كبير من أبناء المنطقة تعرضوا لقتل شنيع ويتم مراقبتهم والتنصت إليهم من بعيد وهذا ماحدث لها بعدذلك إذ قامت بإخفاء زوجها في حفرة ووضعت على الحفرة حجارة وبعد مدة ناداها وكانت أجهزة المستعمر تتنصت فجعلهم
يسمعون صوتا أدى إلى تنقلهم بسرعة إلى  المكان فقاموا             باستجوابها  لم تنجو من الضرب والإهانة محاولة منهم معرفة ماكان الصوت الذي سمعوه وهي كانت تشير إلىالبقرة التي كانت 
ترعى بقربها لكن الذي منعها من الموت الأكيد إخراجها لثديهالتقول لهم لدي رضيع وقامت بالحلب ليخرج الحليب كدليل لما تقوله مما جعل أحدهم يطلب لها العفو فاستجابوا لقوله بأعجوبة فهل الحظ ابتسم لها هذه المرة  ام تركها لتكون شاهدة لمأساة جديدة لم تعلن عن نفسها بعد. كان هذاالرضيع المولود الخامس وهي البنت الثانية لها ولم تمض سنتين حتى اعلن وقف اطلاق النار واعلنت الإحتفالات وخرجت النساء في كل مكان تحتفل بعيد النصر ولم يتسنى لها ذلك لأن مولودا جديدا طرق الديارفبقاؤها في البيت أصبح من الضرورة بمكان ورعاية المولود الجديد لايوفر وقتا للاحتال لقد زادت مسؤولياتها ولاأحد يهتم فمن رعاية الأطفال إلى مساعدة الزوج في الحقل إلى الإعتناء بالمواشي إلى جلب الماء ... وما إن مرت سنتين على الإستقلال حتى فاجأها مرض تلك الإبنة الثانية ولم تكن وسائل العلاج متوفرة وحتى الأب لم تهمه البنات بقدر مايهمه الذكور .لم تستطع فعل شيئا إلا الحزن وانتظار ما تخبئه الأيام .ولم تأتي تلك الأيام إلا مزيدا من المرارة . عانت تلك البنت حتى وافتها المنية بعمر خمس أوست سنوات ؛وأصبحت تتشاءم مع قدوم كل مولود جديد فهاهو مولودها الجديد أو السادس يقبل على الحياة وحزنها لم يلتئم بعد ؛ فباركت هذا المولود وأرغمها على النسيان أو التناسي؛ وأرادت أن تنظر إلى المستقبل  لعله يفتح لها نافذة ولو ضئيلة لحياة هانئة ؛ 
لقد أكمل إبنها الأكبر التعليم المتوسط وكانت رغبته إكمال التعليم الثانوي لكن والده رفض رفضا باتا لعدم توفر المصاريف اللازمة 
مما اضطره للهروب إلى الجنوب وهاهو الحزن مرة أخرى يطرق باب الأم تلدهم صغارا وعندما يكبرون يختفون عن أعينها 
وهم سلوانها الوحيد في دنياها فهل سيصبح مصير هؤلاء الصغار الذي بلغ عددهم الآن تسعا مثل أخيهم الأكبر،
تمنت أن يكون لهم مستقبلا مختلفا ، لقد وجد الأخ الأكبر وظيفة ومرت أربع سنوات فعاد إلى البيت ورأى والده يكد لكن جهده الكبير لايوافق متطلبات الحياة فاقترح عليه وظيفة في الجنوب تجنبه هذاالعناء وتوفر له عيشا أفضل فوافق على ذلك وكان الإبن الأوسط قد نجح في امتحان السنة السادسة ابتدائي بتفوق ورأى والده مايجنيه الإبن الأكبر بشهادته البسيطة فأدرك أن النجاح الحقيقي في تعليم الأبناء فلم تمر شهرين من عمله في الجنوب حتى أتى وأخذ معه الإبنين الأوسط والذي يليه  أوالإبن السادس
فأظهر هذاالأخير تفوقه الدراسي هوالآخروبات من الضروري نقل كل الأبناء إلى الجنوب للدراسة ومعهم هذه المرة الأم ، لكن هذه الأخيرة أرغمها إبنهاالرابع  أن تبقى معه لأنه وحيد مع زوجته التي ولدت حديثا ورغم إصابتها بمرض في عينيها أدى إلى فقدانها الرؤية  إلا أنها استجابت لطلبه رغم تلهفها على صغارها الذين رحلو عنها هذه المرة .صبرت لعدة سنوات ثم التحقت بفلذات أكبادها ، وكانت النتائج المدرسية والعملية الجراحية في عينيها ما أعاد لها بعض الأمل في الحياة فتوظف إبنها الأوسط ونجح السادس في امتحان البكالوريا وبدى لها أن الحياة قد تبتسم قريبا ،انتقل الإبن السادس للدراسة في الشمال وهناك أصيب بمرض عصبي لم يستطع الشفاء منه ، رغم كل المحاولات فأصيبت الأم بفاجعة ولم تهنأ وتزامن ذ لك مع حصول  الوالد على منحة التقاعد فعادت إلى الشمال لتكون قريبة منه فبقي معهم في المنزل وكان الوالد يمتلك بندقية صيد فكان هذا الإبن يخرج بهاأحيانا للصيد دون علم والده ، وذات ليلة خرج الصياد ولم يعد ،لقد مات إثر إصابته بالبندقية ،أخبر الأب أهالي المنطقة فخرجو ا ليجدوه لفض أنفاسه .فعادت الأحزان لترمي بثقلها على الأم حتى أصابها صمم ولاتسمع إلا قليلا ، لكن ليت الأمر يتوقف إلى لهذا الحد فبعد تخرج الإبن السابع من الجامعة لم يمضي عليه  ثلاث سنوات حتى أصيب هو الآخر بمرض عصبي مماثل ولم يشفى منه حتى سقط في المستشفى من الطاق الأول لينتهي به الأجل عندئذ أصيبت نوة بالتعاسة التامة وفقدت النوم إلا قليلا وأصيبت باليأس وذات ليلة قالت لزوجة إ بنهاالأصغر إني أشعر بشيء ما بصدري فصرخت في وجهها ألا تكفي من تخريفاتك هذه ذهبت إلى السرير ونامت ولم تقم من نومها ذك


  


هناك 4 تعليقات:

شيناد/ الإبن x من أبناء البشر يقول...

هذه إحدى الفصول لأوجه الحياة التي عنوانها الرئيسي الألم مع الأمل، والتي اشترك ويشترك فيها البني آدم منذ أن وُرّث أوكسجين الحياة، فلا مناص إذا من هذه الثنائية مع جميع أبناء البشر لكن مع تفاصيل بألوان متنوعة، يخرج منها المدرك لمعنى الثنائية بأقل الأضرار.

غير معرف يقول...

http://www.assayyarat.com/
thank you


جزاك الله خير
http://www.mawahib.net

مدونة م شيشون يقول...

لي شرف أن تضع تعليقك

مدونة م شيشون يقول...

الشكر لك يا دينا